قد ينظر الإنسان إلى الظواهر ويترك البواطن،
فينظر إلى آلام المخاض وينسى فرحة الميلاد،
إن الذهب حينما يستخرج خاماً لابد أن يوضع في النار حتى ينقى من الشوائب
ويصير ذا قيمة كذلك تفعل المحن بالمسلم،
قال تبارك وتعالى:
{وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ}
(آل عمران: 141).
أنها تؤدى إلى مراجعة النفس ومعرفة مسارها ومن أين أُتيت،
فيصحح الإنسان مساره ويقاوم عيوبه فيصبح شخصاً آخر يقر ب الحق ولا يعاند بالباطل،
فيقر بخطئه ويعترف بذنبه ويتوب إلى ربه، وإن هذا المثل كمثل رجل عند ولده فهو يحبه لكنه يجده يخطئ ويتنكب الطريق،
ومازال يتنكب حتى يخشى عليه من العثرات فهو من فرط حبه له، وإشفاقه عليه،
يقسو عليه ويلزمه بأمور شديدة حتى يصنع منه رجلاً،
ومن فوائد المحن
أنها تعرف الإنسان قدر النعمة التى هو فيها فيشكر الله عليها ويحافظ عليها، إذ النعم منسيّة فإذا فقدت عُرفت،
فيجتهد بالحفاظ على النعم بطاعة الله وإتقان العمل، وسد الثغرات وإصلاح النية.
ومن فوائد المحن
أنها تخرج الطاقات الكامنة فتظهر قدرة الإنسان الحقيقية،
وتعوده الجد بعد أن تعود الكسل،والنشاط بعد الخمول، والعمل لدين الله بعد أن أخذت الدنيا مجامع قلبه...
فمن المحن تأتى المنح.
ومن فوائد المحن
أنها تعرف الإنسان حقيقة الدنيا، وأنها بين لحظة وأخرى تنقلب على صاحبها،
ألا فليعمل لله فهو ضمان الفوز، ولا يشغل نفسه بالرزق والدنيا فهى آتية لا محالة.
ومن فوائد المحن
أنها تكفر الذنوب وتقرب من رب العباد
وفي الحديث: "لا يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشى على الأرض ولا خطيئة له".
أبي هريرة عند أحمد وابن أبي شيبة
ومن فوائد المحن
أنها تكسر القلب لله، وتزيل الكبر من النفس فيعود العبد ذليلاً بين يدى الله تعالى،
وحينئذٍ يعود القلب قريباً من الله، بعيداً عن الشيطان.
روى عن الإمام أحمد في كتاب (الزهد)،
ومن فوائد المحن
أنها تجعل بين الإنسان وبين الخطأ والزلل حاجزاً نفسياًعميقاً،
فلا يقع فيه مرة أخرى وتجعله يتخذ بعده سبيلا يرفعه ولا يخفضه، يعزه ولا يذله.
ومن فوائد المحن
أن الإنسان يحب من كان سببا في تنبيهه من غفلته،
فلولا أن الله سخره لبقى التراب على السطح ولظل المعدن مدفوناً في الشوائب.